وحينئذ يكون الابداع الذي أبدعه الانسان ، روحيا وماديا معا ، ويكون وسيلة من وسائل الشكر لهذا الخالق العظيم والمنعم الكريم ، الذي من عليه بالوجود والجوارح ، وكلما في هذا الكون ، ويكون تحركه وتقلبه وفق ما يرضي مولاه وخالقه عليه.
وحينئذ يتضح لديه بدون شك ولا أدنى ارتياب أن اولئك الذين يضعون له المنهج الالهي في كفة ، وما يبدعه الانسان في الحياة من الخيرات في كفة أخرى ، هم من الخداعين المسيئين له ، وحينئذ يتضح له العدو من الصديق ، والمصلح من المخرب.
ان الايمان باله تعالى والاستقامة على طاعته وعبادته. واقرار نظامه وشريعته هي انفاذ لسنن الله تعالى التي اثارها بالحس منظورة ، ان شريعة الله للناس هي طرف من قانونه الكلي في الكون. فانفاذ هذه الشريعة لا بد أن يكون له أثر ايجابي ، وان الانسان هو قوة من قوى الوجود ، وهي اثار مرتبطة بنسبة الله الشاملة لهذا الوجود حين تتجمع وتتناسق. بينما هي تضطرب اثارها وتفسد الحياة معها وتنتشر الشقوة والتعاسة بين البشر وتعم الكون بأجمعه ، حين تنصرف عن الله عزوجل ، وتنبذ شريعته ، ولا يقر لها قرار ولا يتبدل هذا الفساد حتى يتغير سير الانسان في عقيدته ومبدأه. ويرجع الى عقيدة الخالق العظيم ، وينبذ كل علاقة له بالقوانين الارضية وأهلها الا من كان متصلا بالله تعالى وتابع لامره وارادته كعلاقتنا بأولياء الله ، الناشئة من أمره تعالى. قال تعالى :
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ. وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) سورة ٣١ آية ٣١
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) س ١٣ آية ١١