ثم تقول لها : اختاري لنفسك : اما المنهج الالهي في الحياة والتخلي عن كل ما ابدعته يد الانسان في العالم المادي. واما الاخذ بثمار المعرفة وجهود الانسان ، والتخلي عن منهج الله ونبذه والابتعاد عنه نهائيا. وهذا خداع لئيم خبيث ، فوضع المسألة ليست هكذا أبدا.
بل ان المنهج الالهي ليس عدوا لما يبدعه الانسان ويجهد في الوصول الى تناجه من مصالح ومنافع وخيرات وثمرات ، مما خلقه له ربه وخالقه في هذه الحياة. غاية الامر ان المنهج الالهي يريد من البشرية أن تنهج بما اوصلها اليه خالقها من الخيرات الى ما ينفعها وان تنفقه في مصالحها وما يوصلها الى الخير والسعادة ، والى الطهارة والنزاهة ، والكمال والفضيلة التي هي الغاية ، كي يصبح الانسان كما أراده خالقه أهلا لأن يكون خليفة في أرضه ووارثا لجنته. أليس خالق الانسان هو الذي أوجد في هذا الانسان الطاقات المكنونة فيه وسخر له ما في هذه القوانين الكونية ويهيء له ما يعينه على تحقيقه ، ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ليملكه بالجد والعمل والابداع.
ألم يعلم هذا الانسان ـ المخدوع بالاضاليل والاباطيل ـ انه لو توجه لانتاج هذه الموجودات الكونية من الطرق التي رسمها له خالقه ومولاه ، يكون نفس اتناجه عبادة روحية لخالقه ، ويصبح لديه انكشافات نورانية لا توجد ولا تحصل له الا اذا سار على النهج المخطط الالهي والنظام الرباني ، ودخل لأخذ الاشياء ـ التي أوجدها خالقه له ـ من الباب الذي عينه له وأمره بسلوكه والدخول منه لا غير ، كما قال تعالى :
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ) سورة الانعام آية ١٣٥