(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) وتقرر القتال فيه.
ان المسلمين لم يبدأوا القتال ولم يبدأوا العدوان ، انما هم المشركون ، هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله.
ان الاسلام منهج واقعي للحياة ، لا يقوم الا على مثاليات خالدة جامدة في قوالب نظرية ، انه يواجه الحياة البشرية ـ كما هي ـ بعوائقها وجواذبها وملابساتها الواقعية.
هؤلاء المشركون قوم طغاة بغاة معتدون ، لا يقيمون للمقدسات وزنا ، ولا يتحرجون امام الحرمات فكيف يواجههم الاسلام ، يواجههم بحلول مثالية نظرية طائرة ، انه ان يفعل يجرد المسلمين الاختيار من السلاح بينما خصومهم البغاة الاشرار يستخدمون كل سلاح ، ولا يتورعون عن سلاح.
ان الاسلام يرعى حرمات من يرعون الحرمات ، ويتشدد في هذا المبدأ ويصونه ، ولكنه لا يسمح بان تتخذ الحرمات متاريس لمن ينتهكون الحرمات ، ويؤذون الطيبين ويقتلون الصالحين.
ومع هذا يبقى الاسلام في مستواه الرفيع لا يتدنى الى مستوى الاشرار البغاة ، ولا الى اسلحتهم الخبيثة ووسائلهم الخسيسة ، انه فقط يدفع الجماعة المسلمة الى الضرب على أيديهم.
وهذا هو القرآن المجيد يقف المسلمين على أرض صلبة ، لا تتأرجح فيها أقدامهم ، وهم يمضون في سبيل الله لتطهير الارض من الشر والفساد.
ويمضي السياق بعد بيان هذه الحقيقة ، وتمكين هذه القاعدة واقرار قلوب المسلمين ، يمضي فيكشف لهم عن عمق الشر في نفوس اعدائهم ،