تحريم الخمر والميسر ، ولكن نصافي القرآن كله لم يرد بحليتهما ، وانما كان ساكتا يترقب الوقت المناسب لاظهار هذا التحريم ، وخبثه وفساد نتائج ما يحدث عن هذين الخبيثين.
وهذا النص الذي بين أيدينا كان أول خطوة من خطوات التحريم ، وهنا يبدو لنا طرف من منهج التربية الاسلامية القرآنية الربانية الحكيمة.
فعند ما كانت المسألة مسألة التوحيد أو الشرك : امضى أمره منذ اللحظة الاولى في ضربة حازمة جازمة لا تردد فيها ولا تلفت.
فاما في الخمر والميسر ، فقد كانت المسألة مسألة أمر قد اعتاد في المجتمع وألفه ، والعادة تحتاج الى علاج وحكمة. فبدأ بتحريك الوجدان الديني والمنطقي التشريعي في نفوس المسلمين ، بان الاثم بالخمر والميسر اكبر من النفع وفيه ايحاء بان تركهما هو الاولى. ثم جاءت الخطوة الثانية فقال عزوجل (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ثم سألوه مرة أخرى (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) فجاء الجواب عن المقدار والدرجة ، والعفو الفضل والزيادة ، ثم يسألون مرة ثالثة فيقول عزوجل : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ...) قل اصلاح لهم خير.
ان التكافل الاجتماعي هو قاعدة المجتمع الاسلامي ، والجماعة المسلمة مكلفة ان ترعى مصالح الضعفاء فيها واليتامى الذين فقدوا الاباء وهم صغار عاجزون عن القيام بشؤون انفسهم.
وكان الغبن يقع أحيانا على اليتامى فنزلت الآيات القرآنية لرد المسلمين الى الاعتدال واليسر فالاصلاح لليتامى خير من اعتزالهم ، فاليتامى اخوان للاوصياء كلهم أخوة في الاسلام أعضاء في الاسرة الكبيرة ولو شاء الله لأعنتكم ، ولكنه عزيز حكيم ، وهكذا يربط الامر كله بالله ويشده الى المحور الاصيل في كل شيء.