ذلك فقد ظلم نفسه (ان الذي يمسك المطلقة ضرارا واعتداء فقد اصاب نفسه قبل ان يصل ذلك الى غيره ، لان الظلم حينما يصدر من فاعله يؤثر أثره فيه قبل أن يصل سواه (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها).
ويستجيش وجدان الحياء والاعتراف بالنعمة وهو يذكرهم بنعمة الله عليهم وما انزل عليهم من الكتاب والحكمة يعظكم به).
وأول ما يعرض عليهم من نعمته تعالى ، وجوودهم بعد العدم بالخلقة الكاملة التامة ، فاذا ذكرهم الله بنعمة ثناها بذكر نعمة الاسلام ، والالفة بعد التفرقة والمحبة بعد البغضاء.
وهم هم أنفسهم الذين عاشوا في الجاهلية ، ثم عاشوا في الاسلام في جيل واحد ، وقد شهدوا هذه النقلة الميمونة ، التي لا تحققها الا معجزة خارقة فوق تصور البشر ، ثم يلمس قلوبهم اللمسة الاخيرة (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فيستجيش شعورهم الخوف والحذر. ويأخذ النفس من أقطارها ليقودها في طريق السماحة والرفق ، ثم ينهاهم عن منع رجوع الزوجة الى زوجها إن أراد ذلك وتراجع كل منهما وتراضيا بالمعروف. (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا).
وهنا كذلك يستجيش الوجدان والضمير بعد النهي والتحذير ، (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ ...) وهكذا يرفع الامر كله الى افق العبادة ويعلقه بعروة الله تعالى ، ويطهره من شوائب الارض.
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ