وصية لأزواجهم. أما قوله : (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) فهذه منسوخة بما سبق من عدة المتوفى زوجها اربعة اشهر وعشرة أيام (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ) أيضا منسوخة بما تقدم في الاحكام السابقة (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ ...)
وهو بيان محكم دقيق عسى ان تقودكم هذه الآيات الى التعقل والتدبر فيها ، وفي الحكمة الكامنة وراءها ، ولو تعقل الناس وتدبروا هذا المنهج الالهي لكان لهم معه شأن عظيم ، هو شأن الطاعة والاستسلام التام والرضى والقبول بكل ما يحصل ويصير والسلام الفائض في الارواح والعقول.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣))
البيان : ان هذا القرآن ليس مجرد كلام يتلى .. ولكنه دستور شامل لجميع ما يحتاجه الناس. فهو دستور للتربية ، وهو دستور للحياة العملية ، ومن ثم فقد تضمن تجارب البشرية بصورة شاملة للجماعة المسلمة التي جاء لينشئها ويربيها ، وتضمن بصفة خاصة تجارب الدعوة الى الايمان.
ان هذا القرآن المجيد ينبغي أن يقرأ وان يتلقى الاجيال منه الدروس بوعي ، وينبغي أن يتدبر على أنه توجيهات حية كأنها تتنزل اليوم لتعالج مشاكل اليوم ، ولتنير الطريق الى المستقبل.
وحين نقرأ القرآن بهذا الوعي سنجد عنده ما نريد ، وسنجد فيه عجائب وعجائب لا تنتهي وهنا يورد لنا تجربتين من تجارب الامم الاولى تجربة يذكرها القرآن باختصار ولكنه واف فهي تجربة (خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ).