ولا بد ان نكل مصدر الحياة والموت الى قوة ليست من جنس القوى التي نعرفها على الاطلاق. هي قوة الله عزيز الجبار.
وهذا الملك يسأل ابراهيم (ع) عمن يدين له بالربوبية ويراه مصدر الحكم والتشريع غيره فقال (ع) : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)
ولكن الذي حاج ابراهيم (ع) في ربه رأى في كونه حاكما لقومه وقادرا على انفاذ امره فيهم بالحياة والموت فقال لابراهيم (ع) انا سيد هؤلاء القوم فأنا اذن الرب «(أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).
عند ذلك لم يرد ابراهيم (ع) ان يسترسل في جدل حول معنى الاحياء والاماتة مع رجل يماري ويداور في تلك الحقيقة الهائلة. حقيقة منح الحياة وسلبها.
(قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) (وهي حقيقة كونية مكرورة تطالع الانظار والمدارك كل يوم. ولا تتخلف مرة ولا تتأخر. (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)
فالتحدي قائم. والامر ظاهر. ولا سبيل الى سوء الفهم او الجدال والمراء. وكان التسليم اولى ولكن الكبر عن الرجوع يمسك بالذي كفر فيبهته ولا يهديه الله الى الحق «(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩))
البيان : أي هل رأيت الذي مر على قرية. وهو عزير. ومجمل القصة ان عزير كان له توأم اسمه عزر. وقد ولدا في ساعة واحدة من بطن واحد. وماتا معا ايضا في ساعة واحدة ودفنا في يوم واحد.