والخرافات لتشبع هذه الجوعة وحينئذ يصاب كيان الانسان بالقلق والاضطراب ، الذي هو الداء العضال ، الذي لا يشفيه الا الايمان بالله عزوجل.
والايمان بكتب الله ورسله بدون تفرقة بين أحد من رسله هو المقتضي الطبيعي الذي ينبثق من الايمان بالله عزوجل في الصورة التي يرسمها الاسلام.
فالايمان بالله يقتضي الاعتقاد بصحة كل ما جاء من عند الله والتصديق بكل الرسل الذين بعثهم الله ، ومن ثم لا تقوم التفرقة بين الرسل في ضمير المسلم ، فكلهم جاء من عند الله بالدين الصحيح الذي هو الاسلام ، من أول رسول حتى انتهى الامر الى خاتم الرسل والانبياء محمد ص وآله.
ان رصيد الايمان الذي تقوم الامة المسلمة حارسة عليه في الارض ووارثة له منذ المبدىء الى المنتهى ، انه رصيد من الهدى والنور ، ومن الثقة والطمأنينة ، والرضى والسعادة ومن المعرفة واليقين. ومن المستحيل أن يخلو قلب مؤمن صحيح من هذا الرصيد حتى يجتاحه أو يدنو اليه القلق والظلام. أو تدخله الوساوس والشكوك ، أو يستبد به الاسى والشقاء. وصرخات القلوب واضطرابها من حرمانها هذا الزاد والجهاز ، والنور والاطمئنان ، في هذه العصور المظلمة ، والاحساس بما يعتري هذه القلوب قبل أن تموت نهائيا ويفقد منها الاحساس نهائيا.
والمجتمعات المحرومة من تلك النعمة مجتمعات بائسة ـ ولو غرقت في الرغد المادي ـ والمؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله يتوجهون الى ربهم بالطاعة والتسليم ، ويعلمون انهم صائرون اليه ، فيطلبون مغفرته من التقصير (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).