(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩))
البيان : هذا بعض ما يقوله الراسخون بالعلم مع ربهم. وهو الحال اللائق بالايمان الثابت المنبثق من الاطمئنان لقول الله تعالى ووعده الذي لا خلف فيه.
والقلب المؤمن يدرك قيمة الاهتداء بعد الضلال. وقيمة الاستقامة على الصراط المستقيم. بعد الحيرة وقيمة التحرر من عبودية المخلوق بعبودية الخالق العظيم. ويدرك ان الله منحه الايمان ليكون له سلاحا على الاعداء. وزادا ليوم الميعاد. وهو الوفي بوعده. ومتى استشعر القلب المؤمن وقعة المشيئة على هذا النحو هدأ واطمأن وأيقن واستراح.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣))
البيان : ان هذه الآيات واردة في صدد خطاب بني اسرائيل.
وتهديدهم بمصير الكفار قبلهم وبعدهم الى النار. وفيها لفتة لطيفة عميقة الدلالة كذلك. فهو يذكرهم فيها بمصير آل فرعون وقد اهلكهم الله وانجى بني اسرائيل. ولكن هذا لا ينجيهم من الهلاك والعذاب اذا هم ضلوا وكفروا. ولا يعصمهم عاصم اذا هم انحرفوا كما لم ينج فرعون واصحابه حين ادركه الغرق فقال :
(آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) س ١٠ ٩١ ي
كذلك يذكرهم مصارع قريش يوم بدر. وانهم ان عاندوا سيصيبهم