الاعتراض ولا الشك في صحة هذا القرآن ، وهذه الشريعة الغراء ، المنزلة من عند الخالق القهار لجميع العصور والاجيال. ثم يتحداهم بان يراجعوا التوراة ان اعتراهم ارتياب ، وسيجدون فيها أن أسباب التحريم خاصة بهم وليست عامة (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
ثم يهدد من يفتري الكذب منهم على الله بانه : اذن ظالم ، لا ينصف الحقيقة ولا ينصف نفسه وعقاب الظالم معروف سيصليه نار جهنم خالدا فيها وله عذاب مهين.
(قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥) إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٩٧))
البيان : هذا تعريض بكذب أهل الكتاب فيما تقدم ، أي ثبت ان الله صادق فيما أنزله وأنتم الكاذبون ، (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) وهي ملة الاسلام التي عليها محمد ص وآله ، ثم برأ ابراهيم (ع) مما كان ينسبه اليه اليهود والمشركون ، من كونه على دينهم فقال (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
ثم يقرر أن هذا البيت بناه ابراهيم واسماعيل ليكون مثابة للناس وأمنا وليكون قبلة ومصلى للمؤمنين ، ومن ثم يجيء الامر باتباع ابراهيم في ملته ، وهي التوحيد الخالص المبرأ من الشرك في كل صوره.
واليهود كانوا يزعمون انهم هم ورثة ابراهيم فها هو ذا القرآن يدلهم على حقيقة دين ابراهيم وانه المبرأ من شركهم الذي عليه ، ويؤكد هذه الحقيقة بتكرارها مرارا.