بالابتلاء ، لانها تستيقن انها ماضية في الطريق التي وصفها الله عزوجل لها من قبل ، وتستيقن ان الصبر والتقوى هما زاد الطريق ، ويبطل كيد المكيدين ، وتمضي في طريقها الموعود ، الى الامل المنشود ، في صبر وفي تقوى ، وفي عزم أكيد والله ولي المتقين.
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (١٨٧))
البيان : لقد تضمن سياق السورة الكثير من أفاعيل أهل الكتاب وأقاويلهم ـ وبخاصة ـ اليهود وأبرز هذه الافاعيل والاقاويل كتمانهم للحق فيما يعلمونه من صفات النبي ص وآله ، ولبسهم ذلك بالباطل لاحداث البلبلة في مفهوم الدين ، وفي صحة الاسلام وفي عدم تصديقهم له ، وعدم ايمانهم بما نزل عليه من ربه.
وكانت التوراة بين ايديهم ويعلمون كيف تأمر بتصديقه واتباع دينه ، وانه نبي حق وصدق ، وهذه الآية تكشف خيانتهم للعهد وكتمانهم للحق الواضح لديهم واخفائهم ما هو لديهم من الادلة على صدق النبي ص وآله ووجوب اتباعه ، ويخبرهم بان الله قد أخذ عليهم العهد بالايمان والتصديق لكل ما جاء به محمد ص وآله من عند ربه وهو موافق لما لديهم من الادلة والعلامات. (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً). وانهم فعلوا هذه الفعلة الفاضحة ابتغاء ثمن قليل تقاضوه على الكتمان للحق والبيان ، فما أخذوه فهو قليل مقابل ما فاتهم وما خسروه من كتمان واستحقاقهم الخلود في جهنم وبئس المصير.
(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨))