وحقها بالمودة ، وحقها في تقوى خالقها ، ولو لوحظت هذه الحقيقة لكانت هي الكفيل في استبعاد الصراع العنصري الذي ذاقت منه البشرية ما ذاقت وما تزال تتجرع منه الغصص والويلات والشتات في الجاهلية الاولى ، وفي جاهلية القرن العشرين قرن القنابل والصواريخ.
واستقرار هذه الحقيقة كان كفيلا لاستبعاد الطبقي السائد في وثنية الهند ، والصراع الطبقي الذي تسيل فيه الدماء البريئة ، في الدول الشيوعية الالحادية التي لا تشعر ولا تحس الا بفرجها وبطنها ، ناسية النفس الواحدة التي انبثق منها الجميع.
والحقيقة الاخرى التي تضمنها الاشارة الى انه من النفس الواحدة (خَلَقَ مِنْها زَوْجَها) كانت كفيلة ـ لو أدركتها البشرية ـ ان توفر عليها تلك الاخطاء الاليمة ، التي تردت فيها. وهي تتصور في المرأة شتى التصورات السخيفة ، وتراها منبع الرجس والنجاسة كما في الجاهلية الاولى ، ولقد خطبت البشرية ايضا في تيه افراط حين جردت المرأة من حجابها وخصائص انوثيتها ، وأخرجتها الى الشوارع والحانات عارية أو شبه عارية. ونسيت انها انسان خلقت لانسان ، وانهما ليسا فردين متماثلين ، انما هما زوجان متكاملين والمنهج الرباني القويم يرد البشرية الى هذه الحقيقة البسيطة بعد ذلك الضلال البعيد.
كذلك توحي الآية بان قاعدة الحياة البشرية هي الاسرة ، فقد شاء الله أن تبدأ هذه النبتة في الارض بأسرة واحدة ، ثم يثنى بوشيجة الرحم ، فتقوم الاسرة الاولى من ذكر وانثى.
وفي ختام آية الافتتاح التي توحي بكل هذه الحشود من الخواطر يرد (النَّاسُ) الى تقوى الله عزوجل ، الذي يسأل بعضهم بعضا به (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).