انحلال الخلق وتلويث المجتمع ، فاذا استصحبنا معنى هذه الخصائص في النظام الاسلامي.
نرى أولا : ان هناك حالات واقعية في مجتمعات كثيرة ، تبدو فيها زيادة عدد النساء الصالحات للزواج ، على عدد الرجال الصالحين للزواج ، وحينئذ يكون تعدد الزوجات مع العدالة رحمة للنساء ، ونعمة للرجال الذين قد تدعوهم الحاجة الى تعدد الزوجات بالضرورة ، والعدل المطلوب هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة ، اما العدل في مشاعر القلوب وأحاسيس النفوس ، فهي راجعة الى أسباب مسايرة الزوجة لزوجها واطاعتها له ، وليست هي تحت سيطرة الانسان نفسه فاسباب الحب والبغض ، هي التي تؤثر أثرها لا غير.
والى هذا المعنى الخارج عن قدرة الانسان يشير قوله عزوجل : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) ولذا ترى بعض المغفلين أو بعض المغرضين يقولون هناك تناقض بين الآيتين ، والحال انه لا تناقض أصلا لان لكل آية موردا لا علاقة له مع الآخر. فالاية التي اشترطت العدالة ، موردها الامور الخارجية ، والتي نفت العدالة ، موردها الاحساسات الباطنية. وكم فرق بين الموردين ولا نسبة بينهما حتى يقع بينهما تناقض أو تنافي فانتبه ايها الغافل.
ونعود فنكرر قبل أن تتجاوز هذه النقطة : ان الاسلام لم ينشىء تعدد الزوجات ، انما حدده ، ولم يأمر بالتعدد ، انما رخص فيه وقيده وانه رخص فيه لمواجهة واقعيات الحياة البشرية وضرورات الفطرة الانسانية ، فالحكمة والمصلحة مفترضتان في كل تشريع الهي ، سواء أدركهما البشر أم لم يدركهما ، ويستحيل على الخالق العادل أن يشرع الا ما فيه الحكمة والعدالة ، اللتان هما مناط الاحكام الشرعية الاسلامية دائما.