ان للاسلام وجوده المستقل خارج واقع المسلمين في أي جيل ، فالمسلمون لم ينشئوا الاسلام ، انما الاسلام هو الذي أنشأ المسلمين ، الاسلام هو الاصل ، والمسلمون فرع عنه والذي يقاس عليه واقع الناس في كل جيل ، ليعلم كم هو مطابق او منحرف عن الاسلام.
وليس كذلك الامر في النظم الارضية ، التي تنشأ ابتداء من تصورات البشر ، ومن المذاهب التي يضعونها لأنفسهم ـ وذلك حين يرتدون الى الجاهلية ويكفرون بالله مهما ادعوا أنهم مؤمنون به ، فمظهر الايمان الاول بالله هو الالتزام بنظامه وشريعته ، ولا ايمان بغير هذه القاعدة الكبرى ـ والاوضاع المتطورة في أنظمتهم هي التي تحدد مفهوم المذاهب التي وضعوها لانفسهم ، وطبقوها على انفسهم.
فاما الاسلام ونظامه الذي لم يصنعه الناس لانفسهم ، انما صنعه خالق الناس وصانعهم ورازقهم ومالكهم ، وهو أرأف بهم من أنفسهم وحاشاه أن يظلمهم مثقال ذرة ، وهو أعرف بما يصلحهم من أنفسهم لانه هو الذي صنعهم وركبهم وهو أدرى بعللهم ودوائهم.
وهكذا يتبين أن البحث عن العدل والقسط هو رائد منهج الاسلام لا غير ، في كل جزء من جزئياته وبالالتزام بنظام الاسلام يعرف المسلمون لا بهوياتهم وانسابهم لا غير ، وبتركهم له يعرف الخارج من الاسلام منهم كذبا وافتراء بدون تطبيق قانونه. (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) وهذه الآية تنشىء ان للمرأة حقا صريحا ، وحقا شخصيا في صداقها ، وتشير الى ما كان واقعا في المجتمع الجاهلي من هضم هذا الحق في صور شتى.
وبهذا الاجراء استبعد الاسلام ذلك الراسب من رواسب الجاهلية في شأن المرأة وصداقها وحقها في نفسها وفي مالها ، وكرامتها ومنزلتها ،