لهم الكون وما حواه ليستعينوا به على تحصيل هذا الكمال الانساني. فكما ان الله تعالى تفرد بخلقهم وهدايتهم وخلق اسباب التكامل لهم ، وجب أن يتفرد بالعبادة والطاعة منهم اليه. واذا فعلوا ذلك تكاملوا وأصبحوا من المتقين الذين نالوا راحة الدنيا وسعادة الآخرة. وذلك هو الفوز العظيم.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢))
أي جعل الارض ملائمة لطبائعكم موافقة لاجسادكم. صالحة لحرثكم وغرسكم ودفن موتاكم. ولم يجعلها شديدة الحر او البرد فتهلك أبدانكم. ولم يجعلها صخرا أو سبخة لا تصلح لزرعكم. وقد عدد لهم صنوف نعمه ليستولوا بذلك على شدة اهتمام هذا الخالق العظيم براحة خلقه وسعادتهم. وفيها تنديد على من يعبد سواء حيث لم يكن له نعمة عليه ولا يقدر على نفعه فضلا عن خلقه ووجوده من العدم وتسخير الكون وما حواه لخدمته. ولو لا هذا التوافق لما قامت حياتهم على هذا الكوكب في مثل هذا اليسر والاطمئنان. ولو فقد عنصر من عناصر الحياة لفقدت حياتهم نهائيا. ولو قل أو زاد لأصابهم البلاء والعناء.
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣))
بعد أن احتج عزوجل على من يعبد سواه بفساد عمله وخطأه. وبرهن على وجوب عبادته وطاعته دون سواه. ثنى على برهان صدق رسوله وصحة نبوته وانه لا يأتي بشيء الا من عند خالقه. وان لم يقنعكم هذا فأتوا من عندكم بمثل ما أتى حيث نسبتم أن ما يأتيكم به من الآيات هي من عنده فأنتم بلغاء العالم ولا ترون من يحسن الكلام مثلكم وهذا الرجل منكم ونشأ بين ظهرانيكم ولم يفارقكم ابدا وقد مضى عليه