وهي ظاهرة واضحة كل الوضوح في القرآن من جهة ويمكن للعقل البشري ادراكها من جهة اخرى. ودلالتها على انه من عند الله دلالة لا تمارى
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ. وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
ـ وفي هذا العرض. وهذا التوجيه. منتهى الاكرام للانسان. وادراكه وشخصيته. كما قلنا كما ان فيه منتهى النصفة في الاحتكام للانسان الى هذا الادراك في ظاهرة لا يعيبها ادراكها. وهي في الوقت ذاته دلالة ـ كما اسلفنا ـ لا تمارى.
والتناسق المطلق الشامل الكامل. هو الظاهرة التي لا يخطئها من يتدبر القرآن المجيد ابدا. مما لا تختلف العقول والاجيال في ادراك مداها. ولكن كل عقل وكل جيل يجد منها بحسب قدرته وثقافته واستعداده وتقواه. ما يملك ادراكه في محيط يتكيف بمدى القدرة والثقافة والتقوى.
ومن ثم فان كل احد وكل جيل. مخاطب بهذه الآية. ومستطيع عند التدبر وفق منهج مستقيم ان يدرك من هذه الظاهرة عدم الاختلاف. أو ظاهرة التناسق الحكيم الباهر منه بادراكها في حدودها.
تتجلى هذه الظاهرة. ظاهرة عند عدم الاختلاف .. التناسق الباهر. ابتداء في التعبير القرآني من ناحية الاداء وطرائقه الفنية ففي كلام البشر تبدو القمم والسفوح. التوفيق والتعثر في القوة والضعف والتحليق والهبوط والاشراق والانطفاء. الى آخر الظواهر. التي تتجلى معها سمات البشر. وأخصها سمة (التغير) والاختلاف المستمر الدائم من حال الى حال يبدو دائما في كلام البشر واضحا جليا .. وهو التغير والاختلاف ..
هذه الظاهرة واضحة كل الوضوح عن عكسها وهو : (الثبات).