ومن ثم لا بد من الجهاد. لا بد منه في كل صورة. ولا بد ان يبدأ في عالم الضمير ثم يظهر فيشمل عالم الحقيقة والواقع والشهود. ولا بد من بذل الاموال والانفس في سبيل الله وكسب رضاه لتكون كلمة الله هي العليا ويسود العدل بين الناس ويصل للضعيف حقه ويرتفع الفساد والظلم.
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩))
البيان : لقد كان هذا النص يواجه حالة واقعة في الجزيرة العربية في مكة وغيرها بعد هجرة الرسول ص وآله وقيام الدولة المسلمة. فقد كان هناك مسلمون لم يهاجروا حبستهم مصالحهم. وخوفهم من مشاق الهجرة. وجماعة حبسهم عجزهم الحقيقي من الشيوخ والنساء والولدان وقد اشتد اذى المشركين لهؤلاء الباقين من افراد المسلمين. وقد فتن بعضهم عن دينه واضطر بعضهم الى اظهار الكفر تقية. وهي سلاح الضعفاء والمظلومين في كل زمان ومكان. ولكن التعبير القرآني ـ على اسلوب القرآن ـ يعبر في صورة. ويصور في مشهد حي الحركة والحوار.
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ). ان القرآن يعالج نفوسا بشرية ويهدف الى استجاشة عناصر الخير والمروءة والعزة فيها. والى مطاردة عوامل الضعف والحرص.
ولكن الملائكة لا يتوفونهم ـ ظالمي انفسهم ـ في صمت ، بل يقبلون ماضيهم ويستنكرون امرهم ويسألونهم فيهم اضاعوا ايامهم ولياليهم وماذا كان شغلهم وهمهم في الدنيا ولماذا كنتم ترون المنكر ولا تنكروه.