كما أنه لا يهتف للنفس البشرية لتبقى على ضعفها وقصورها ، ولا ينشد لها أناشيد التمجيد ، وهي تنخبط في الوحل وتتمرغ بالطين ، انه الوسط انه الفطرة ، انه المثالية الواقعية ، انه يتعامل مع الانسان بما هو انسان. والانسان مخلوق عجيب ، هو وحده الذي يضع قدميه على الارض وينطلق بتكامله الانساني الى السماء ، في لحظة واحدة تفارق فيها روحه جسده ، ولا ينفصل وينطلق بتكامله الانساني الى السماء مع الروح القدسية (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ)
ان الله الذي فطر النفس البشرية ، يعلم من فطرتها انها ذات ميول لا تملكها ، ومن ثم أعطاها لهذه الميول خطاما لينظم حركتها فقط لا ليعدمها ويقتلها. من هذه الميول ، ميل القلب البشري الى احدى الزوجات ويؤثرها على سواها .. (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ).
فهذا هو النهي عنه الحيف بالمعاملة الظاهرة التي هي تحت قدرة الانسان واختياره فاما حين يجف القلب من الرغبة ولا يبقى في نفوس الزوجين تلائم فالتفرقة ممكنة لهما معا.
(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) ، فالله عزوجل يعد كلا منهما أن يغنيه من فضله فانه سبحانه يسع عباده ويوسع عليهم بما يشاء في حدود حكمته وعلمه بما يصلح أحوالهم.
ان دراسة هذا المنهج وهو يعالج مشاعر النفوس ، وكوامن الطباع ، وأوضاع الحياة في واقعيتها الكلية ، تكشف عن عجب لا ينقضي. من تنكر الناس لهذا المنهج. هذا المنهج الميسر الموضوع لسعادة البشر الذي يقودهم لكل خير وربح ونفع ويحميهم من كل شر وخسران وضرر. هذا المنهج يرفع العباد من حضيض البهائم الى منازل الابرار والملائكة المقربين.