خيار منه أو مندوحة له ، فاما التغاضي والسكوت فهو أول مراحل النفاق وعلامته الخاصة.
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ : أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) ويأتي التهديد اللاذع ، الذي يرتجف له كيان كل مؤمن حقيقي : (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ). وهو الوعيد الذي لا تبقى بعده بقية من تردد : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)
ثم يأخذ في بيان علامات اخرى للمنافقين : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ) وهي صورة تبدأ بتقرير ما يكنه المنافقون للجماعة المسلمة من الشر. وما يتربصون بهم الدوائر. وهم مع ذلك يتظاهرون لهم بالمودة ، حيث يكون للمسلمين الفتح. (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا :) (... فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) حيث لا مجال للكيد والمكر والتآمر والتبييت ، ولا مجال لاخفاء مكنونات الصدور. فالمسجلة حاضرة حتى الانفاس محصاة. وللجوارح شهود على ما سجلت ،
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).
انه وعد من الله قاطع ، وحكم من الله جامع : انه متى استقرت حقيقة الايمان في نفوس المؤمنين وتمثلت في واقع حياتهم منهجا للحياة ، ونظاما للحكم ، وتجردا لله في كل خاطرة وحركة واخلصوا في عبادة الله في كل صغيرة وكبيرة ، (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).
وهذه حقيقة يحفظها التاريخ الاسلامي ، واقعة واقعة ، وانما قد تتخلف في بعض المواقع ويكون السبب مخالفة المسلمين للنبي ص وآله ، كما في أحد. أو يكون من فساد أعمالهم كما حصل فيما بعد حينما