لِلْعالَمِينَ) رحمة في الدنيا ورحمة في الآخرة كما يتجلى من هذا البيان ..
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١))
البيان : الغلو هو تجاوز الحد والحق ، وهو ما يدعو الله تعالى ورسوله ص وآله اهل الكتاب ان يرجعوا عن غلوهم اليه ولا يقولون على الله غير الحق ، فيزعموا له ولدا ، سبحانه وتعالى عما يقول المشركون علوا كبيرا ، انما هو اله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا احد.
وقد تطورت عندهم فكرة الغلو حسب تفكيرهم الاثيم وانحطاطهم الانساني.
واذا كان مولد عيسى (ع) من غير أب عجبا في عرف البشر خارقا لما ألفوه فهذا العجب انما تنشئه مخالفة المألوف ، والمألوف للبشر ليس هو كل الموجود. والقوانين الكونية التي يعرفونها ليست هي كل سنة الله في خلقه ، فالله يخلق السنة ويجريها حسب حكمته ، ويصرفها حسب مشيئته ، ولا حدود لمشيئته. (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ).
يعني أراد ذلك بالارادة التكونية التي لا يتخلف المراد عنها أبدا ، بل تكون فورا بدون امهال. وقد نفخ الله تعالى في طينة آدم (ع) فصار انسانا بدون تأخير. ان الذي أوجد آدم (ع) من دون ابوين ، قادر على ان يوجد غيره من دون أب ، وهذا الكلام البسيط الواضح أولى من تلك الاساطير التي لا تنتهي عن ألوهية المسيح (ع) لمجرد انه جاء من غير أب ، وعن ألوهية الاقانيم الثلاثة كذلك .. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.