شيء اذن يقهره ، ومهما يكن ضده فهو هباء لا وجود له ، ولا أثر ، ومن كان الله معه فلا يضل طريقه ، فان معية الله سبحانه تهديه كما أنها تكفيه. ومن كان الله معه فلن يقلق ولن يشقى. فان قربه من الله يطمئنه ويسعده ، وعلى الجملة فمن كان الله معه فقد ضمن ، وقد وصل وماله زيادة يستزيدها على هذا المقام الكريم.
ولكن الله عزوجل لم يجعل معيته لهم جزافا ولا محاباة ولا كرامة شخصية منقطعة ، عن أسبابها بل شرطها بشروط وفي أي وقت وجدت هذه الشروط كان الله مع أربابها وليس لبني اسرائيل من خصوصية أبدا ومتى أخلص العبد لمولاه لم يهمله ولم يجفاه.
وقد أوضح الله تعالى تلك الشروط الملازمة لعناية الله وحراسته وكفالته لكل من حفظها وحافظ عليها : (الايمان الخالص ، اقامة الصلاة ، اداء الزكاة ، الطاعة المطلقة بدون انحراف).
ذلك ميثاق الله مع جميع عباده ومنهم بني اسرائيل الذين كانوا سببا لهذا البيان الالهي. (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) (وهذا جزاء الخائنين الذين ينقضون عهد الله وميثاقه ويتعدوا حدوده ، يدخله نارا خالدا فيها).
أجل لقد نقضوا ميثاقهم مع الله تعالى .. قتلوا أنبياءهم بغير حق وبيتوا القتل. والصلب لعيسى بن مريم (ع) وهو آخر أنبيائهم. وحرفوا كتابهم ـ التوراة ـ ولم يصدقوا خاتم الانبياء محمد ص وآله ، وخانوا مواثيقهم معه ، فباؤوا بالطرد من هدى الله ، وقست قلوبهم فلم تعد صالحة لاستقبال هذا الهدى. وصدق الله حيث يقول :
(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) ـ (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ)
وهو خطاب للرسول ص وآله يصور له حال اليهود وافعالهم