ان الله سبحانه وتعالى قد فضل الانسان على جميع خلقه حتى على ملائكته المقربين بما منحه من قوة العقل والادراك ، والاستعداد الكامل للصعود والاعتلاء في مراتب التكامل الانساني ، بحيث يمكنه أن يرتفع ويعتلي الى ما فوق أعلى مرتبة حددت للمخلوق في حدود التكامل الانساني ، وقد خطر على بالي كلمة لبعض المستشرقين حيث يقول : (لا يجوز لله أن يرسل نبيا بعد محمد بن عبد الله ص وآله.
ثم يعلل ذلك فيقول : لان محمدا ص وآله قد وصل الى مرتبة في الكمال الانساني بحيث لم يبق فراغ بينه وبين مرتبة الالوهية حتى يرسل من هو أكمل من محمد ص وآله). وناهيك دلالة على عظمة محمد وأهل بيته المعصومين (ع) ان جبرائيل الذي هو سيد الملائكة المقربين تمنى أن يدخل معهم تحت الكساء ويكون منهم وخادما لهم (ع) وهذا هو الانسان الذي جعله الله سبحانه خليفة في أرضه وعلمه الاسماء كلها وأسجد له ملائكة المقربين وأبان فضله وعظمته لهم ليريهم حسن اختياره والحكمة البالغة فيما يفعل ويختار في مخلوقاته.
(قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢))
(قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣))
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٣٤))
وانما اعترف الملائكة بالعجز وأقروا بالقصور لما قد بان لهم من فضل آدم (ع) ولاحت لهم الحكمة في خلقه ، فصغر حالهم عند انفسهم وقل علمهم لديهم فغرقوا في بحر العجز وفوضوا العلم والحكمة الى الله ، وانما لم يعرفوا حقائق الاشياء كلها لاختلافها وتباينها.
وانما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم (ع) وكانوا أفضل ما خلق الله بدون استثناء صلوات الله عليهم.