كاملا فلم يكن الا النهي حتى تتبعه الطاعة الفورية.
ولما نزلت آيات التحريم هذه في السنة الثالثة بعد وقعة أحد ، لم يحتج الامر الى أكثر من مناد في نوادي المدينة. (ألا أيها القوم ان الخمر قد حرمت) فمن كان في يده كأس فليحطمها. ومن كان في فمه جرعة فيلتفلها. وشقت زقاق الخمر والميسر والانصاب والازلام ، وانتهى كل شيء فهي دنسة لا ينطبق عليها وصف (الطيبات) التي أحلها الله ، وهي من عمل الشيطان. وفي هذه اللحظة يصدر النهي مصحوبا كذلك بالترغيب بالفلاح ـ وهي لمسة اخرى من لمسات الايحاء النفسي العميق ـ (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ).
فهذا يكشف للضمير الحي هدف الشيطان وغاية كيده وثمرة رجسه انه (الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ). وهذه أهداف للشيطان غايته وقوع الناس فيها. فما يحتاج العاقل المؤمن لتجنب الخطر سوى الفات النظر فبمجرد ما يسمع صوتا ولو من الصداء بان أمامك خطرا هائلا ، فيلتفت فيدركه ويجزم بوجوده فورا يقفز مبتعدا عنه بأسرع ما يمكنه الابتعاد والحذر.
فكيف اذا كان هو الصد عن ذكر الله وعن الصلاة ـ يعني قطع صلته بالله عزوجل. وهكذا عندما تبلغ العاقل المؤمن حقيقة الاشارة الى هذه المخاطر الهائلة الى هدف الشيطان والحفر التي يريد أن يوقع عدوه الانسان المؤمن بها انها خسران هائل وخطر فظيع :
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)