وهنا تكون التجربة الاولى قد تمت وتكشفت خصائص هذا الانسان الضعيف المتعجرف. واذا فقدت قابلية الشيء بعد لم يبق مجال لرجوع ما خسره وفاته وفقد منه والعفو والغفران شيء آخر. فاذا كانت مرتبة عليا من الوظائف لا تصلح الا لمن لم يصدر منه خيانة او مخالفة. فان الانسان اذا ارتكب ثم اعتذر وندم وتاب وأناب وكان المولى عفوا غفورا رحيما ودودا. ولكن ما ينفع ذلك ، بعد خروجه عن القابلية واللياقة لتلك المرتبة.
(قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) فهبطا الى الارض مقر العصاة والمخالفين والمبتلين لقد هبطوا جميعا الى الارض. آدم وزوجه. ابليس وقبيله. هبطوا ليتصارع بعضهم مع بعض وليعادي بعضهم بعضا. ولتبدأ معركة الطبيعتين. وانتهت الجولة الاولى بذلك.
لقد بدأ من سياق القصة اصرار هذا العدو العنيد على ملاحفة الانسان وغوايته في كل حالة. وعلى اتيانه من كل ناحية. وعلى كفاحه في كل حالة. (فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ)) ..
وانما يلاحظ في غواية الانسان ناحية الضعف ، ومداخل الشهوات ولا عاصم للانسان من الشيطان الرجيم الا بتقوى الله والاستعانة به دائما حتى يخرج من هذه الحياة ولذا قال عزوجل (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) الا بتبعونك ولا يصدقونك مهما زينت لهم.
(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)
يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧) وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا