عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠))
البيان : هذا النداء يجيء في ظل المشهد الذي سبق عرضه من القصة وعقب الخطيئة لقد كان النداء الاول تذكيرا لبني آدم بذلك المشهد الذي عاناه ابواهم. وبنعمة الله في انزال اللباس الذي يستر العورة والرياش الذي يتجمل به.
اما النداء الثاني ، فهو التحذير لبني آدم عامة وللمشركين الذين يواجههم الاسلام خاصة فيحذرهم ان لا يستسلموا للشيطان فيما يتخذونه لأنفسهم من مناهج وشرائع وتقاليد. فيسلمهم الى الفتنة كما فعل مع أبويهم من قبل اذ أخرجهما من الجنة ونزع عنهما لباسهما. ليريهما سوآتهما ، في التعري والتكشف الذي يزاولونه ـ والذي هو طابع كل جاهلية.
وزيادة في التحذير ، واستثارة للحذر ينبئهم ربهم ان الشيطان يراهم هو وقبيله من حيث لا يرونه. اذن فهو اقدر على فتنتهم بوسائله الخفية ، وهم محتاجون الى شدة الاحتياط. والى مضاعفة اليقظة ، والى دوام الحذر ، كي لا يأخذهم على غرة وغفلة ، ثم الايقاع المؤثر الموحى بالتوقي ، ان الله قدر أن يجعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ، وياويل من كان عدوه وليه ، انه اذن يسيطر عليه ويستهويه ويقوده حيث يشاء ، بلا عون ولا نصير ولا ولاية من الله (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)