والحجارة التي يقيس قلوبهم اليها ـ فاذا قلوبهم أقسى ـ هي حجارة لهم بها سابق عهد. فقد رأوا الحجر تنفجر منه اثنتا عشرة عينا. ورأوا الجبل يندك حين تجلى وخر موسى صعقا ، ولكن قلوبهم لا تلين وهي أقسى من الحجارة. وهكذا يقسو القلب من شدة الاجرامات التي يرتكبها صاحبه.
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧))
كانت صورة الجفاف والقسوة والجدب هي التي صور الله بها قلوب بني اسرائيل في نهاية الدرس الماضي ، صورة حجارة صلدة ، لا تنض منها قطرة ، ولا يلين لها ملمس. وهي صورة توحي باليأس ، وظل هذا الايماء ، يلتف الى المؤمنين الذين يطمعون في هداية بني اسرائيل فيقول :
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) الخ الا انه لا مطمع ولا رجاء في أن يؤمن أمثال هؤلاء القساة ، الا ان طبيعة المؤمنة سمحة مفتحة المنافذ مستعدة للاتصال بالنبع الازلي الخالد بما فيها. والفريق المشار اليهم هنا هم اليهود ، وأعرفهم بالحقيقة المنزلة في كتبهم هم الاحبار الذين يسمعون كلام الله ثم يحرفونه عن مواقعه ، عن حالته التي انزلت على موسى (ع) ويؤولون التأويلات البعيدة عن عمد للتحريف يدفعهم الهوى وتقودهم المصلحة الخاصة لهم. وقد انحرفوا عن الحق الذي جاء به نبيهم موسى (ع) وهم يعلمون بطلانه. وقد كان بعضهم اذا لقوا المؤمنين قالوا : آمنا بمحمد ص وآله كذبا وباطلا ، فيتصورون أن الله