فالاسباب التي تعارف عليها الناس قد تتبعها آثارها. وقد لا تتبعها. والمقدمات التي يراها الناس حتمية قد تعقبها نتائجها وقد لا تعقبها. لانه ليست الاسباب والمقدمات هي التي تنشىء الآثار والنتائج. وانما هي الارادة الالهية. هي وحدها تقدر ما تريد.
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) سورة التكوير
والمؤمن الحقيقي يأخذ بالاسباب لانه مأمور بالاخذ بها. والله هو الذي يقدر آثارها ، ونتائجها ، والاطمئنان الى رحمة الله تعالى وعدله وحكمته وعلمه. هو وحده الملاذ الامين والمنجاة من الهواجس والوساوس. ولذا حذر الله تعالى عباده من خلاف ذلك. فقال عزوجل :
(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ، وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً. وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) سورة البقرة آية ٢٦٨
ولهذا نرى المؤمن بالله عن معرفة صحيحة. وعقيدة كاملة هادىء النفس مطمئن السريرة ، قرير الضمير ، يرى أن يد الله في كل حادثة. وفي كل حركة وسكون ولذا يقول (بحول الله وقوته أقوم وأقعد) بمعنى انه لو لا معونة الله لما استطاع من قيام أو قعود ويرى نفسه في كنف الله ورعايته وحراسته وكفالته. فلا يدنو اليه خوف من حاجة الى مخلوق ولا يخشى من مخلوق. مازال محرزا لرضا الخالق العظيم وهذا هو الايمان الصحيح وسواه هباء وقشور. لا يسمن ولا يغني من جوع والى الله ترجع الامور وهو الذي يجيب المضطر اذا دعاه. ويلبي عبده اذا ناجاه وهو أقرب اليه من حبل الوريد.
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ. وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ. قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). سورة النمل آية ٦٤
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) سورة الانعام آية ١٨