قوله : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) : هذا مثل قوله : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف : ١٥٧] أى : ما كان شدّد عليهم فيه من أمر السبت والشحوم وكلّ ذي ظفر ، وكلّ ما كان حرّم عليهم فليس يحرم على المسلمين شيء ممّا حرّم عليهم من تلك الأشياء. قال الله : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا) [الأنعام : ١٥٥] أى اتّبعوا ما أحلّ فيه واتّقوا ما حرّم فيه. فالخمر اليوم عليهم حرام ، وكلّ ما حرّم الله على المسلمين فهو عليهم حرام.
(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) : والمحصنات هنا الحرائر ، ولا يحلّ نكاح إماء أهل الكتاب ، ويوطأن بملك اليمين. يقول الله :
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) [النساء : ٢٥]. ولا يتزوّج العبد المسلم الأمة اليهوديّة ولا النصرانيّة في قول الحسن : وبه نأخذ (١).
قوله : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) : أى صداقهنّ. فإذا سمّاه لها فلا بأس بأن يدخل عليها قبل أن يعطيها شيئا.
قوله : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) : قال مجاهد : ناكحين غير زانين ، قال تزويجا غير زنى. (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) : أى الخليل في السرّ ، والخليلة في السرّ ؛ يقول : نكاحا غير سفاح ، والسفاح الزنا الظاهر. (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) غير متّخذها خليلة ، ولكن نكاحا حلالا.
قوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٥) : ذكر بعضهم أنّه لّما نزل تحليل نساء أهل الكتاب قال بعضهم : كيف نتزوّج نساء من غير أهل ديننا فأنزل الله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ). تفسير ذلك : ومن يكفر بتصديق تحليلهنّ فقد حبط عمله. قال مجاهد : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) أى : بالله.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
__________________
(١) كأنّي بهذه الجملة الأخيرة من الشيخ هود بن محكّم الهوّاريّ ، فإنّها تمثّل رأي الإباضيّة في المسألة. انظر تعليقا ضافيا في الموضوع للمرحوم الشيخ علي يحيى معمّر في كتاب النكاح لأبي زكرياء يحيى الجنّاوني ، ص ٢٨ ـ ٣١.