بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة الطبعة الأولى
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) (٣) ، والصلاة والسّلام على سيّدنا محمّد بن عبد الله ، الرسول النبيّ الأمّيّ ، أرسله الله شاهدا ومبشّرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وعلى آله وأصحابه الطّيّبين الطاهرين ، وعلى من اهتدى بهديه ، وسار على نهجه إلى يوم الدين.
أمّا بعد ، فهذا تفسير العلّامة الشيخ هود الهوّاريّ ، وإنّي أحمد الله تعالى على أن وفّقني ، بمنّه وكرمه ، إلى جمعه وتحقيقه والاستفادة منه. وأتشرّف اليوم بتقديمه إلى المكتبة الإسلاميّة ، إعلاء لكلمة الله ، وخدمة لثقافتنا الدّينيّة ، بإحياء تراثنا النفيس ، ونشر كنوزه بين أبناء الأمّة الإسلاميّة عامّة ، وبين طلّابنا في الدراسات الإسلاميّة خاصّة.
لقد ظلّ هذا التفسير أكثر من أحد عشر قرنا منسيّا مغمورا ، إلى أن ظهرت مخطوطاته المتفرّقة في بعض الخزائن الخاصّة ، وهي خزائن لعلماء من القرون الأربعة الأخيرة ، يحتفظ بها أبناؤهم وحفدتهم ، وهي موجودة في وادي ميزاب ، جنوب الجزائر ، بمدن العطف ، وبني يسجن ، والقرارة ، وفي جزيرة جربة ، بالبلاد التونسيّة.
إنّ المصادر الإباضيّة القديمة هي وحدها التي أشارت إلى وجود هذا التفسير ، وذكرته بصفة موجزة جدّا. وهي تتّفق بشأنه على أمور ثلاثة :
أوّلها : صاحب هذا التفسير هو الشيخ هود بن محكّم الهواريّ.
ثانيها : أثبتت كتب السير والتاريخ اسم المؤلّف في الطبقة السادسة من طبقات العلماء ، وهم الذين عاشوا في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.