الدراسات الإسلاميّة إلى مزيد من التحقيق العلميّ والمطالعة المفيدة لتوسيع آفاق معارفهم ؛ فإنّه لا شيء يفتّق أذهانهم ويقوّي فيهم ملكة البحث والاستنباط كالرجوع إلى أمّهات الكتب والمصادر الأولى للتفقّه في الدين والغوص إلى أسرار الشريعة الإسلاميّة وتحصيل كنوزها.
إنّ معرفة طلّابنا لمختلف مذاهب المفسّرين ودراستهم لمناهجهم تجعلهم إذا بلغوا درجة من العلم عالية إن شاء الله ، قادرين على المقارنة والموازنة بين هذه المذاهب التفسيريّة والمدارس الفقهيّة ، وترجيح رأي على رأي ، واختيار أحسن الأقوال التي تناسب عصرهم.
إنّ المستقبل إن شاء الله للدراسات المقارنة حتّى يستفاد عن طريقها من المدارس الفقهيّة كلّها ، لتخريج علماء مجتهدين يتصدّرون مجالس الشورى والإفتاء بكفاءة ، فيقدّمون الأحكام والحلول لقضايا العصر بصدور رحبة ، وبنظرات أعمّ وأشمل ؛ حتّى تستبعد من مجال الفقه والاجتهاد تلك الرؤية الضيّقة القاصرة التي تتقيّد برأي فقهيّ معيّن ، لا تحيد عنه ولا ترى الحقّ إلّا فيه ، وهذا ما ساد في عصور مضت لّما طغى التعصّب المذهبيّ على بعض العلماء ، فأصدروا فتاوى وأحكاما ما أنزل الله بها من سلطان ، فضلّوا وأضلّوا. وهذا لعمري لا يخدم الإسلام في أى مجال.
مخطوطات الكتاب :
اعتمدت في تحقيق تفسير الشيخ الهوّاريّ على خمس نسخ من المخطوطات ، وهي كلّها ناقصة على تفاوت بينها ، بحيث لا يمكن أن يعتمد أى ناشر على واحدة بعينها ليكمل له الكتاب ؛ ثلاثة منها من مدن وادي ميزاب ، واثنتان من جزيرة جربة. وسأتناولها بالوصف مرتّبة حسب تحصيلي إيّاها.
ـ الأولى : نسخة القرارة ، وهي التي أرمز إليها بحرف القاف هكذا : ق ، وتقع في ثلاثة مجلّدات ، معدّل مسطرتها في المجلّدات الثلاثة واحد وعشرون سطرّا ، مقاسها ٢٢* ١٥ سم. وعدد أوراق المجلّد الأول منها ١٤٣ ورقة. ليس في هذه النسخة خطبة الكتاب. يبتدئ المجلّد الأوّل من تفسير سورة الفاتحة ، ويتوقّف التفسير عند الآية ٢٠ من سورة النساء ، ثمّ يستأنف من الآية ١٤٥ من سورة الأنعام إلى آخر السورة. يؤرّخ الناسخ أبو القاسم بن موسى بن عبد الرحمن بن محمّد بن يحيى تمام نسخ المجلّد الأوّل بضحوة يوم السبت ست من شهر جمادى الأولى