القطع ما كان موجودا في خزائن القيروان ، والعبدليّة بتونس ، وفي خزانة الأستاذ حسن حسني عبد الوهّاب ، وقارنتها بما جمعته من تفسير الهوّاريّ ، فوجدت أنّ تلك القطع المصوّرة لا تكفي وحدها لإتمام الكتاب. فسورة البقرة مثلا التي تملأ في تفسير الهوّاريّ نحو سبعين ورقة لا يوجد منها إلّا نيّف وثلاثون لوحة من القطع الصغير فيما اطّلعت عليه من مخطوطات القاهرة. وقد بحثت طويلا فيها عن المقدّمة وعن تفسير سورة الفاتحة فلم أعثر على شيء منهما ، مع أنّ المقدّمة موجودة في تفسير ابن سلّام أصلا ، فقد وصل إلينا أكثرها مع تفسير سورة الفاتحة كاملة في مخطوطتين من تفسير الشيخ الهوّاريّ.
وكأنّي بالشيخ محمّد الفاضل ابن عاشور كان حسن الظنّ كثيرا فيما قدّره من مجموع ما هو موجود من تفسير ابن سلّام حين كتب يقول : «ويوجد جزء لعلّه يتمّم به بعض نقص النسخة هو من المقتنيات الخاصّة لبعض العلماء الأفاضل» (١). وفهمت من عبارته هذه أنّه يشير إلى مخطوطة الأستاذ حسن حسني عبد الوهّاب ، وكأنّي به علم بوجودها ولكنّه لم يطّلع عليها ، لأنّه لو كان اطّلع عليها لعلم أنّها لا تزيد عمّا في مخطوطة العبدليّة شيئا ، بل تنقص عنها بكثير.
إنّ أغلب تفسير ابن سلّام مفرّق بين القطع القيروانيّة المخطوطة.
وهذه القطع مع ما يقرب من عشرة أجزاء من مخطوطة العبدليّة لا تجمع ـ حسب تقديري ـ إلّا حوالى ثلثي الكتاب ؛ لذلك يكون من الصعب الوصول إلى جمع تفسير ابن سلّام وتحقيقه كلّه إذا لم يعثر على قطع أخرى من مخطوطات الكتاب.
رواية تفسير ابن سلّام :
أشهر من روى تفسير ابن سلّام تلميذان له : ابنه محمّد بن يحيى المتوفّى سنة ٢٦٢ ه / ٨٧٥ م (٢) وأبو داود أحمد بن موسى بن جرير الأزدي العطّار المتوفّى
__________________
ـ ١٩٥٠ حسبما أفادني به السيّد الفاضل الأستاذ علي عبد المحسن ، مدير قسم المخطوطات.
(١) محمّد الفاضل ابن عاشور ، التفسير ورجاله ، ص ٢٨.
(٢) أبو العرب ، طبقات علماء إفريقية ، ص ٣٨ ـ ٣٩. وكان أبو العرب ممّن روى تفسير ابن سلّام عن حفيد المؤلّف يحيى بن محمّد ، بل ذكر عياض في ترتيب المدارك ج ٢ ص ٣٣٥ أنّه كان اختلف أيّاما إلى دار أبيه محمّد بن يحيى بن سلّام في أوّل طلبه للعلم.