تفسير فاتحة الكتاب ، وهي مكّيّة كلّها
[قوله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)] (١). ذكروا عن الحسن قال : هذان اسمان [ممنوعان] (٢) لم يستطع أحد من الخلق أن ينتحلهما : الله والرحمن. قال بعض أهل العلم : إنّ المشركين قالوا : أمّا الله فنعرفه ، وأمّا الرحمن فلا نعرفه ، فأنزل الله : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ) ، يا محمّد (هُوَ رَبِّي) [سورة الرعد : ٣٠].
ذكروا عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : قال الله : أنا الرحمن ، شققت الرحم من اسمي فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته (٣). ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال : كنّا نكتب «باسمك اللهمّ» [زمانا] (٤) ، فلما نزلت : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) [الإسراء : ١١٠] كتبنا : (بسم الله الرّحمن). فلمّا نزلت : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٣٠) [سورة النمل : ٣٠] كتبنا : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
ذكروا عن سلمان الفارسيّ أنّه قال : [قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم] (٥) : إنّ الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة ، كلّ رحمة منها طباقها السماوات والأرض ، فأنزل الله منها رحمة واحدة ، فبها تتراحم الخليقة حتّى ترحم البهيمة بهيمتها ، والوالدة ولدها. فإذا كان يوم القيامة جاء بتلك التسع والتسعين رحمة ، ونزع تلك الرحمة من قلوب الخليقة فأكملها مائة رحمة ، ثم يضعها بينه وبين خلقه ، فالخائب من خيّب من تلك المائة رحمة (٦).
__________________
(١) لم تكتب البسملة هنا في أوّل الفاتحة ، والصواب إثباتها لأنّ ما يلي تفسير لها.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣.
(٣) كذا ورد هذا الحديث في ع ، وق ، ود عن أبي الدرداء. وقد رواه الترمذيّ بسند أيضا عن عبد الرحمن بن عوف بلفظ : «قال الله تبارك وتعالى : أنا الله وأنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتتّه».
(٤) زيادة من ز ، ورقة ٣.
(٥) زيادة لا بدّ منها لأنّ ما يلي نصّ حديث صحيح باختلاف يسير في ألفاظه.
(٦) أخرجه أحمد والبيهقيّ. وأخرجه مسلم في كتاب التوبة ، باب في سعة رحمة الله وأنّها سبقت غضبه ـ