تفسير سورة الأنعام
وهي مكّيّة كلّها في قول بعضهم. وقال الكلبيّ : إلّا ثلاث آيات مدنيّات في آخرها : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ...) إلى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣) [الآيات : ١٥١ ـ ١٥٣]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : حمد نفسه ، وهو أهل للحمد.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّه ليس أحد أحبّ إليه الحمد من الله ، ولا أكثر معاذير من الله (١). أى أنّه قطع العذر الذي بينه وبين خلقه حتّى لا يجدوا عذرا.
قوله : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) : أى وخلق الظلمات والنور. الظلمات الليل ، والنور ضوء النهار. قال بعضهم : خلق السماوات قبل الأرض ، والنور قبل الظلمة ، والجنّة قبل النار.
قال : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١) : يعني المشركين ، عدلوا به الآلهة ، وهي أصنامهم التي عبدوها من دون الله.
ذكروا عن كعب قال : فتحت التوراة بهذه الآية : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١) وختمت ب (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (١١١) [الإسراء : ١١١].
قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) : قال : خلق آدم من طين ، ثمّ جعل نسله بعد من
__________________
(١) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاري في التفسير ، في سورة الأنعام وفي سورة الأعراف ، وفي كتاب التوحيد ، باب (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) ، ولفظه : «لا أحد أغير من الله ، فلذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحبّ إليه الحمد من الله فلذلك مدح نفسه». وأخرجه مسلم بلفظ أطول في كتاب اللعان ، عن سعد بن عبادة (رقم ١٤٩٩).