ثالثها : ينتسب هذا العالم إلى قبيلة هوّارة البربرية التي كانت تسكن بطون منها ، ولا تزال ، جبال أوراس ونواحيها ، بغرب إفريقية الإسلامية ، بلاد الجزائر الآن (١).
وهكذا يعتبر الكتاب من التفاسير الأولى التي ظهرت في أوائل عهد التدوين عندنا ، وهو ـ فيما أعلم ـ أقدم تفسير جزائريّ وصل إلينا كاملا.
لعلّ أوّل مصدر مطبوع ورد فيه ذكر لهذا التفسير إنّما هو كتاب السير للبدر الشمّاخي المتوفّى سنة ٩٢٨ / ١٥٢٢ ؛ فقد طبع هذا الكتاب بالقاهرة طبعة حجرية سنة (١٣٠١ / ١٨٨٤). وبعد ذلك بقليل كتب موتلانسكي (٢) بحثا في نشرة المراسلة الإفريقية سنة ١٣٠٢ / ١٨٨٥ (٣) أورد فيه قائمة بأسماء كتب للإباضية ذكر فيها أنّها لمؤلّف مجهول (٤) من القرن التاسع الهجري ، كان نسخها أبو بكر بن يوسف بن أبي بكر الميزابيّ سنة ١١٨٨ / ١٧٧٤.
وقد قسّمت إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي : كتب لأصحابنا في المشرق ، كتب لأصحابنا في جبل نفوسة ، وكتب للمغاربة (كذا) ، وفي هذا القسم الأخير جاء ذكر كتاب التفسير لهود بن محكّم الهواريّ تحت رقم ٤٩.
وفيما يلي دراسة موجزة عن هذا التفسير. ولنبدأ أوّلا بالتعرّف على حياة المؤلّف وعلى أسرته وقبيلته.
__________________
(١) انظر ابن خلدون ، العبر ، ج ٦ ، ص ٢٨٢ ـ ٢٩١ ، أخبار البرانس من البربر ، وانظر أبو عبيد البكري ، المغرب ، ص ٥٠ ، ٧٢ ، و ١٤٤.
(٢) كان موتلانسكي إذ ذاك ترجمانا عسكريّا فيما كان يدعى سابقا ملحقة غردابة بعد إلحاق وادي ميزاب سنة ١٨٨٢ ، وإخضاعه للنظام العسكري الفرنسي. وقد سطا موتلانسكي على كثير من المخطوطات الإباضية النفيسة ، منها تاريخ ابن الصغير الذي نشره لأول مرة في مؤتمر المستشرقين الرابع عشر الذي انعقد بعاصمة الجزائر سنة ١٩٠٥.
(٣) BUIIETIN DE CORREPONDANCE AFRICAINE ,T.III ـ PP١٥ ـ ٧٢ وكانت تصدرها المدرسة العليا للآداب بالجزائر.
(٤) الصحيح أنها لأبي القاسم البرادي المتوفّى في أوائل القرن التاسع الهجري. وقد بدأها بقوله : «ذكر ما وقفت عليه وسمعت به من تآليف أصحابنا ...» انظر البرادي ، الجواهر المنتقاة ، ص ٢١٩ ، وانظر : عمار طالبي ، آراء الخوارج الكلامية ، الموجز لأبي عمّار عبد الكافي ، ج ٢ ص ٢٨١ ـ ٢٩٤.