وقال بعضهم : هم أناس من اليهود كانوا يدخلون على النبيّ فيخبرونه أنّهم مؤمنون راضون بالذي جاء به ، وهم مستمسكون بضلالتهم بالكفر ، فكانوا يدخلون بذلك ويخرجون به من عند نبيّ الله.
قوله : (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) : يعني اليهود (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) : [يعني المعصية والظلم] (١) (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) : يعني أخذهم الرشوة على الحكم (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٦٢) : يعني حكّامهم وعلماءهم.
قال : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ) : أى هلّا ينهاهم (الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) : يعني أخذهم الرشوة. قال الحسن : الربّانيّون علماء الإنجيل والأحبار علماء أهل التوراة. وهو تفسير مجاهد.
وقال الكلبيّ : الربّانيّون العلماء والفقهاء ، والأحبار من كان من ولد هارون. فعاب (٢) بذلك الربّانيّين والأحبار فقال : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ).
وقال بعضهم : الربّانيّون العبّاد ، والأحبار العلماء. ذكر بعضهم قال : كان هذا في حكّام اليهود بين أيديكم ولا ينهاهم الربّانيّون والأحبار. (لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) (٦٣) : قال الحسن : لبئس ما كانوا يصنعون حين سارعوا في الإثم والعدوان وأكلهم السحت ، أى : الرشوة ؛ وبئس ما صنع الربّانيّون والأحبار حين لم ينهوهم عن ذلك.
قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) : قال بعضهم : قالوا : بخيل غير جواد ، لم يستقرضنا؟ قال الكلبيّ : كانوا من أخصب الناس وأكثرهم خيرا ، فلمّا عصوا الله وبدّلوا نعمة الله كفرا كفّ الله عنهم بعض الذي كان بسط لهم ، فعند ذلك قالت اليهود : كفّ الله يده عنّا ، فهي مغلولة. ولم يقولوا : مغلولة إلى عنقه ، ولكن قالوا عن قول الله للنبيّ عليهالسلام : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) أى فلا تنفق شيئا (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) [الإسراء : ٢٩] ، وذلك أن ينفق في معصية الله. قال الكلبيّ : وكذلك قالت اليهود : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) فلا يبسطها علينا
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٨٥.
(٢) في ع ود : «أعاب» ، وهو خطأ. ولم تذكر كتب اللغة «أعاب» بمعنى «عاب» من العيب ، بل جاء في معناه «عيّب وتعيّب».