يا رسول الله؟ فقال : والذي نفسي بيده لو قلت نعم لوجبت ، ولو وجبت ما قمتم بها ، ولو تركتموها لكفرتم ، فذروني ما تركتكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم واختلافهم عليهم. وما أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، أو فأتمّوه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فانتهوا (١). وزاد فيه بعضهم : عن الحسن عن النبيّ عليهالسلام : إنّما هي حجّة وعمرة ، فمن قضاهما فقد قضى الفريضة أو قضى ما عليه ، فما أصاب بعد ذلك فهو تطوّع (٢). وبعضهم يقول : وفي هذا أنزلت هذه الآية.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ أعظم الناس في المسلمين جرما من سأل عن مسألة لم تكن فحرمت من أجل مسألته لم تكن قبل ذلك حراما (٣).
ذكروا عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : أحرّج بالله (٤) على كلّ امرئ سأل عمّا لم يكن فإنّ الله قد بيّن فيما هو كائن.
قوله : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) : ذكروا عن أبي الأحوص أنّه قال : كان هذا فينا معشر قريش ؛ البحيرة : التي يقطع أطراف آذانها ، والسائبة : التي كانوا يسيّبونها لآلهتهم ، والوصيلة : الشاة تلد سبعة أبطن السابع جديا وعناقا فيقولون : قد وصلت ، وسمعت بعضهم يقول : قد وصلت أخاها ، فيتركونها ، والحام : الجمل يضرب لصلبه العشرة من ولده فيقولون : حمى ظهره ، فيترك فلا يزمّ ولا يخطم ولا يركب ولا يردّ عن حوض الماء حتّى يموت.
قال بعضهم : كانت البحيرة من الإبل ، كانت الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن نظر إلى البطن
__________________
(١) انظر تخريجه فيما سلف من هذا الجزء ، تفسير الآية ٩٧ من سورة آل عمران.
(٢) هذه الزيادة أوردها أبو داود في أوّل كتاب المناسك ، باب فرض الحجّ (رقم ١٧٢١) هكذا : «عن ابن عبّاس أنّ الأقرع بن حابس سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، الحجّ في كلّ سنة أو مرّة واحدة؟ قال : بل مرّة واحدة ، فمن زاد فهو تطوّع».
(٣) حديث متّفق على صحّته أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام ، باب ما يكره من كثرة السؤال ، عن سعد بن أبي وقّاص بلفظ : «إنّ أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرّم فحرّم من أجل مسألته». وأخرجه مسلم في كتاب الفضائل ، باب توقيره صلىاللهعليهوسلم وترك إكثار سؤاله ... (رقم ٢٣٥٨).
(٤) كأنّ العبارة قسم ، والإحراج والتحريج : التضييق والتأثيم.