إلهي أمن أهل الشّقاء خلقتني فاطيل بكائي ، أم من أهل السّعادة خلقتني فأبشّر رجائي.
إلهي إن حرمتني رؤية محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وصرفت وجه تأميلي بالخيبة عن ذلك المقام ، فغير ذلك منّتني نفسي يا ذا الجلال والإكرام والطّول والإنعام.
إلهي لو لم تهدني إلى الإسلام ما اهتديت ، ولو لم ترزقني الإيمان بك ما آمنت ، ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت ، ولو لم تعرّفني حلاوة معرفتك ما عرفت.
إلهي إن أقعدني التّخلّف عن السّبق مع الأبرار فقد أقامتني الثّقة بك على مدارج الأخيار. إلهي قلب حشوته من محبّتك في دار الدّنيا كيف تسلّط عليه نارا تحرقه في لظى.
إلهي كلّ مكروب إليك يلتجئ ، وكلّ محروم لك يرتجي.
إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا ، وسمع المزلّون عن القصد بجودك فرجعوا ، وسمع المذنبون بسعة رحمتك فتمتّعوا ، وسمع المجرمون بكرم عفوك فطمعوا ، حتّى ازدحمت عصائب العصاة من عبادك ، وعجّ إليك كلّ منهم عجيج الضّجيج بالدّعاء في بلادك ، ولكلّ أمل ساق صاحبه إليك وحاجة ، وأنت المسئول الّذي لا تسودّ عنده وجوه المطالب صلّ على محمّد نبيّك وآله ، وافعل بي ما أنت أهله إنّك سميع الدّعاء (١).
أرأيتم هذا التضرّع والاستعطاف والخشوع والإنابة إلى الله تعالى؟
أرأيتم كيف ذابت نفس الإمام عليهالسلام أمام الله إجلالا وعبودية له؟
__________________
(١) الصحيفة العلوية الثانية : ٤٦ ـ ٥١ ، نقلا عن مزار محمّد بن المشهدي.