يا من دلّ على ذاته بذاته ، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته ، وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته ، يا من قرّب من خطرات الظّنون ، وبعد عن لحظات العيون ، وعلم بما كان قبل أن يكون ...
حوت هذه الفقرات المشرقة من دعاء الإمام عليهالسلام ما يلي :
١ ـ أنّ الله تعالى دلّ على ذاته العظيمة بذاته ، وذلك بتكوينه وإيجاده لهذا الكون المليء بالعجائب والغرائب التي حار فيها العقل ؛ فكلّ ذرّة من مخلوقاته تنادي بوجوده تعالى ، وتدلّل عليه ، فإنّه من المستحيل تعقّل وجودها بمنتهى الروعة والدقّة من دون أن يكون لها مكوّن ، وقد باءت بالفشل والخزي آراء الملحدين في هذا العصر الذي انطلقت فيه السفن الفضائية إلى الفضاء الخارجي ، وصوّرت بعض الكواكب التي تدور في فلكها الخاصّ بانتظام عجيب وأرسلت صورها إلى الأرض ، وقد طويت بذلك وانحسرت جميع أفكار الملحدين ، واتّجه الناس صوب الله ، والاقرار له بالوحدانية.
ومن الجدير بالذكر أنّ روّاد الفضاء الذين هبطوا على القمر اتّجهوا بعد نزولهم إلى الأرض نحو الكنائس لعبادة الله تعالى ، فقد هالتهم وأذهلتهم صور الكواكب ودورانها في أفلاكها فسبحان الله العظيم.
٢ ـ ومن فقرات هذا الدعاء أنّ الله تعالى تنزّه عن مشابهة مخلوقاته ومجانستهم فإنّها جميعا عرضة للفناء والزوال ، وليس أيّ صفة من صفاته التي هي عين ذاته تضارع صفات المخلوقين التي تحتاج إلى علّة مؤثّرة في إيجادها.
٣ ـ ومن بنود هذا الدعاء أنّ الله تعالى قريب إلى الفكر فيؤمن به الإنسان بأدنى تأمّل إلاّ أنّ العيون لا تبصره ، وكيف يبصر الممكن بوجود الخالق العظيم العالم بما كان قبل أن يوجد ويكون؟ ويستمرّ الإمام عليهالسلام في دعائه قائلا :