وإن كنت لا تقبل إلاّ من المجتهدين فإلى من يلتجئ المفرّطون ، وإن كنت لا تكرم إلاّ أهل الإحسان فكيف يصنع المسيئون ، وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلاّ المتّقون فبمن يستغيث المذنبون.
إلهي! إن كان لا يجوز على الصّراط إلاّ من أجازته براءة عمله ، فأنّى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل انقضاء أجله.
إلهي! إن لم تنلنا يد إحسانك يوم الورود اختلطنا في الجزاء بذوي الجحود.
إلهي! فأوجب لنا بالإسلام مذخور هباتك ، واستصف ما كدّرته الجرائر منها بصفو صلاتك.
إلهي! ارحمنا غرباء إذا تضمّنتنا بطون لحودنا ، وغمّيت باللّبن سقوف بيوتنا ، وأضجعنا مساكين على الإيمان في قبورنا ، وخلّفنا فرادى في أضيق المضاجع ، وصرعتنا المنايا في أعجب المصارع ، وصرنا في ديار قوم كأنّها مأهولة وهي منهم بلاقع (١).
إلهي! إذا جئناك عراة حفاة مغبرّة من ثرى الأجداث رءوسنا ، وشاحبة من تراب الملاحيد وجوهنا ، وخاشعة من أفزاع القيامة أبصارنا ، وذابلة من شدّة العطش شفاهنا ، وجائعة من طول المقام بطوننا ، وبارزة هنالك للعيون سوآتنا ، وموقّرة من ثقل الأوزار ظهورنا ، ومشغولين بما قد دهانا عن أهالينا وأولادنا ، فلا تضعّف المصائب علينا بإعراض وجهك الكريم عنّا.
__________________
(١) بلاقع : خالية.