اللهمّ فاسقنا غيثك ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسّنين (١) ، أتهلكنا بما فعل السّفهاء منّا يا أرحم الرّاحمين.
اللهمّ إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك ، حين ألجأتنا المضايق الوعرة ، وأجاءتنا المقاحط المجدبة (٢) ، وأعيتنا المطالب المتعسّرة ، وتلاحمت علينا الفتن المستصعبة.
اللهمّ إنّا نسألك أن لا تردّنا خائبين ، ولا تقلبنا واجمين (٣) ، ولا تخاطبنا بذنوبنا ، ولا تقايسنا بأعمالنا. اللهمّ انشر علينا غيثك وبركتك ورزقك ورحمتك ؛ واسقنا سقيا نافعة مروية معشبة ، تنبت بها ما قد فات ، وتحيي بها ما قد مات ، نافعة الحيا (٤) ، كثيرة المجتنى ، تروي بها القيعان (٥) ، وتسيل البطنان (٦) ، وتستورق الأشجار ، وترخص الأسعار ؛ إنّك على ما تشاء قدير (٧).
وحفل هذا الدعاء بتوحيد الله وبيان قدرته وخضوع جميع المخلوقات لإرادته ، فليس هناك شيء يتّسم بالشيئية إلاّ وهو بيد الله تعالى ، كما حفل هذا الدعاء بالخضوع والتذلّل إلى الله تعالى طالبا منه أن يسعف عباده بالغيث ويوفّر لهم هذه المادة الحيوية التي تتوقّف عليها حياتهم الاقتصادية.
__________________
(١) السنين : جمع سنة أراد بها الجدب.
(٢) أجاءتنا : أي ألجأتنا.
(٣) واجمين : كاسفين حزينين.
(٤) الحيا : المطر.
(٥) القيعان : جمع قاع الأرض السهلة.
(٦) البطنان : جمع بطن المنخفض من الأرض.
(٧) نهج البلاغة / محمّد عبده ٢ : ٢٥ ـ ٢٦.