بقوّتك ، وأصبح ذنبي مستجيرا بمغفرتك ، وأصبح وجهي الفاني البالي مستجيرا بوجهك الباقي الدّائم الّذي لا يبلى ولا يفنى ...
أرأيتم كيف تضرّع الإمام عليهالسلام أمام الخالق العظيم؟ لقد ذابت نفسه شغافا فلا يرى غير الله تعالى ملجأ وملاذا ، فهو يستجير به في جميع شئونه وأحواله ، ويستمرّ الإمام في دعائه قائلا :
يا من لا يواري منه ليل داج ، ولا سماء ذات أبراج ، ولا حجب ذات ارتاج ، ولا ما في قعر بحر عجّاج (١) ، يا دافع السّطوات ، يا كاشف الكربات ، يا منزل البركات من فوق سبع سماوات ، أسألك يا فتّاح ، يا من بيده خزائن كلّ مفتاح ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد الطّيّبين الطّاهرين ، وأن تفتح لي خير الدّنيا والآخرة ، وأن تحجب عنّي فتنة الموكّل بي (٢) ، ولا تسلّطه عليّ فيهلكني ، ولا تكلني إلى أحد طرفة عين فيعجز عنّي ، ولا تحرمني الجنّة ، وارحمني ، وتوفّني مسلما ، وألحقني بالصّالحين ، واكففني بالحلال عن الحرام ، وبالطّيّب عن الخبيث يا أرحم الرّاحمين.
اللهمّ خلقت القلوب على إرادتك ، وفطرت العقول على معرفتك ، فتململت الأفئدة من مخافتك ، وصرخت القلوب بالوله إليك ، وتقاصر وسع قدر العقول عن الثّناء عليك ، وانقطعت الألفاظ عن مقدار محاسنك ، وكلّت الألسن عن إحصاء نعمك ، فإذا ولجت بطرق البحث عن نعتك بهرتها حيرة العجز عن
__________________
(١) العجّاج : الماء الكثير الذي تصحبه أمواج.
(٢) الموكّل بي : يعني به الشيطان الرجيم.