رهبة منه دما ، ثمّ عمّرتم في الدّنيا ، ما الدّنيا باقية ، ما جزت أعمالكم عنكم ـ ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم ـ أنعمه عليكم العظام ، وهداه إيّاكم للإيمان » (١).
إنّ مواعظ الإمام عليهالسلام تنفذ إلى أعماق النفوس ودخائل القلوب لأنّها من إمام المتّقين وسيّد الواعظين فلم يفه بنصيحة أو موعظة إلاّ طبّقها على نفسه الشريفة قبل أن يذيعها إلى الناس.
المبادرة إلى الأعمال الصالحة
ومن مواعظه الجليلة هذه الخطبة الحافلة بالدعوة إلى تقوى الله تعالى ، والتزوّد من أعمال الخير ، قال عليهالسلام :
« واتّقوا الله عباد الله ، وبادروا آجالكم بأعمالكم ، وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم ، وترحّلوا فقد جدّ بكم (٢) ، واستعدّوا للموت فقد أظلّكم (٣) ، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا ، وعلموا أنّ الدّنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ، فإنّ الله سبحانه لم يخلقكم عبثا ، ولم يترككم سدى وما بين أحدكم وبين الجنّة أو النّار إلاّ الموت أن ينزل به. وإنّ غاية تنقصها اللّحظة ، وتهدمها السّاعة ، لجديرة بقصر المدّة (٤).
وإنّ غائبا يحدوه الجديدان : اللّيل والنّهار ، لحريّ بسرعة الأوبة.
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ١٠١ ـ ١٠٢.
(٢) فقد جدّ بكم : أي أسرع بكم إلى الرحيل عن هذه الدنيا.
(٣) فقد أظلّكم : أي قرب منكم حتى كأنّ له ظلّ قد ألقاه عليكم.
(٤) المراد : أنّ كلّ لحظة تمرّ بالإنسان فإنّها تنقص حياته وتقرّبه إلى الدار الآخرة.