وشرّا من الشّرّ فاعله ... » (١).
وفي هذه الكلمات المشرقة إيقاظ للنفوس التي فتنت بحبّ الدنيا وتحذير لها من غرورها وآثامها ، فإنّ الإنسان مهما بلغ من متع الدنيا من المال والجاه فإنّه غرض لنصول المنايا ، وهدف للمصائب والكوارث ، وأيامه معدودة فلا ينقضي عنه يوم إلاّ نقص من عمره.
اتّباع الهوى
حذّر الإمام عليهالسلام من اتّباع الهوى وطول الأمل ، لقد جهد الإمام عليهالسلام على إرشاد الناس ووعظهم وتحذيرهم من الوقوع في متاهات سحيقة من مآثم هذه الحياة.
قال عليهالسلام : « إنّ أخوف ما أخاف عليكم : اتّباع الهوى ، وطول الأمل ».
طوبى للزاهدين في الدنيا
روى نوف البكالي وهو من خيار أصحاب الإمام عليهالسلام قال : رأيت عليّ بن أبي طالب عليهالسلام خرج في غلس الليل ناظرا إلى النجوم ، فقال له :
« يا نوف ، أراقد أنت أم رامق؟ ».
ـ بل رامق يا أمير المؤمنين :
« يا نوف طوبى للزّاهدين في الدّنيا ، الرّاغبين في الآخرة ، أولئك قوم اتّخذوا الأرض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن شعارا (٢) ، والدّعاء دثارا ، ثمّ قرضوا (٣) الدّنيا قرضا على منهاج المسيح
__________________
(١) ذيل الأمالي ٢ : ٥٤.
(٢) الشعار : ما يلي البدن من الثياب.
(٣) أي مزّقوا الدنيا على طريقة المسيح عليهالسلام في العبادة.