موعظته لرجل شيّع جنازة وهو يضحك
وشيّع الإمام عليهالسلام جنازة فرأى رجلا يضحك ، فساءه ذلك ، ووعظه بهذه الكلمات المشرقة ، قال عليهالسلام :
« كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأنّ الحقّ فيها على غيرنا وجب ، وكأنّ الّذي نرى من الأموات سفر عمّا قليل إلينا راجعون! نبوّئهم أجداثهم ، ونأكل تراثهم ، كأنّا مخلّدون بعدهم ثمّ قد نسينا كلّ واعظ وواعظة ، ورمينا بكلّ جائحة (١)!! » (٢).
إنّ الموت أكبر واعظ للإنسان لو كان يملك فكره ، لكنّه لم يحفل به ، وكثيرون من الناس في أثناء مسيرتهم في تشييع الموتى يتعاطون أحاديث الدنيا ، ولا يتّعظون بالموت ، فكأنّه قد كتب على غيرهم.
مع رجل يذمّ الدنيا
سمع الإمام عليهالسلام رجلا يذمّ الدنيا ، ولم يكن ذمّه عن واقع وإيمان ، فقال عليهالسلام له :
« أيّها الذّامّ للدّنيا ، المغترّ بغرورها ، المخدوع بأباطيلها! أتغترّ بالدّنيا ثمّ تذمّها؟ أنت المتجرّم عليها ، أم هي المتجرّمة عليك (٣)؟ متى استهوتك ، أم متى غرّتك؟ أبمصارع آبائك من البلى أم بمضاجع أمّهاتك تحت الثّرى؟ كم علّلت بكفّيك ، وكم مرّضت بيديك! تبتغي لهم
__________________
(١) الجائحة : الآفة.
(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٤ : ٢٨.
(٣) التجرّم : الذنب.