غير أيدي أهل الاصطفاء وعهودهم وشرائعهم وسننهم ومعالم دينهم مردود وغير مقبول ، وأهله بمحلّ كفر ، وإن شملتهم صفة الإيمان ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : ( وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ ) (١)؟ فمن لم يهتد من أهل الإيمان إلى سبيل النّجاة لم يغن عنه إيمانه بالله مع دفع حقّ أوليائه ، وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ، وكذلك قال الله سبحانه : ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا ) (٢).
وهذا كثير في كتاب الله عزّ وجلّ ، والهداية هي : الولاية كما قال الله عزّ وجلّ : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (٣) والّذين آمنوا في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر ، وليس كلّ من أقرّ أيضا من أهل القبلة بالشّهادتين كان مؤمنا. إنّ المنافقين كانوا يشهدون : أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، ويدفعون عهد رسول الله بما عهد به من دين الله وعزائمه وبراهين نبوّته إلى وصيّه ، ويضمرون من الكراهة لذلك ، والنّقض لما أبرمه منه عند إمكان الأمر لهم ، فيما قد بيّنه الله لنبيّه بقوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٤).
__________________
(١) التوبة : ٥٤.
(٢) غافر : ٨٥.
(٣) المائدة : ٥٦.
(٤) النساء : ٦٥.