وبقوله : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (١).
ومثل قوله : ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) (٢) ، أي لتسلكنّ سبيل من كان قبلكم من الامم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء.
وهذا كثير في كتاب الله عزّ وجلّ ، وقد شقّ على النّبيّ ما يؤول إليه عاقبة أمرهم ، واطلاع الله إيّاه على بوارهم فأوحى الله عزّ وجلّ إليه :
( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ) (٣) ، ( فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) (٤).
أمّا قوله : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) فهذا من براهين نبيّنا الّتي آتاه الله إيّاها ، وأوجب به الحجّة على سائر خلقه ، لأنّه لمّا ختم به الأنبياء ، وجعله الله رسولا إلى جميع الامم ، وسائر الملل ، خصّه الله بالارتقاء إلى السّماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء ، فعلم منهم ما ارسلوا به ، وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه ، وأقرّوا جميعا بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده وفضل شيعة وصيّه من المؤمنين والمؤمنات الّذين سلّموا لأهل الفضل فضلهم ، ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم وعصاهم من اممهم ، وسائر من مضى ومن غبر ، أو من تقدّم وتأخّر.
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) الانشقاق : ١٩.
(٣) فاطر : ٨.
(٤) المائدة : ٦٨.