إنعامه ، لكان بينهما التضاد ، وفسد الفعل.
ثم تكونت الزهرة التي فلكها ممّا يلي فلك الشمس ، فكان باطنها أيضا حارا يابسا يناسب ظاهر الشمس ، وهي بظاهرها البارد الرطب تناسب القمر ، وبظاهرها أيضا تناسب باطن الشمس بالبرد والرطوبة ، وبباطنها تناسب باطن القمر.
ثم تكون المريخ ، فظاهره حار يابس ، وباطنه بارد رطب ، وبذلك ناسب النيرين في ظاهرهما وباطنهما. ثم كان المشتري ، فكان بظاهره حارا لينا ، وبباطنه باردا يابسا ، فناسب زحل ، وبظاهره الحار اللين ، إلى باطن زحل الحار اللين ، ولذلك ازدوجا ، فكانا المتوليين للمثلثات باقترانهما ، وناسبا النيرين والزهرة والمريخ. كذلك بباطنهما وظاهرهما ، وانفرد عطارد بطبعه فكان ممتزجا ، أي كوكب جاسده ، كان طبعه يوافق طبعه ، وفعله كفعله. وكانت الشمس قلب العالم الجرماني ، والقمر بمنزلة الرأس ، والفلك المحيط كالروح المقوي للحس في جميع جهاته.
وصار الفلك بعلوه واعتداله ، وتزاوجه وتوافقه ، طبيعة خامسة ، وهو زبدة الصورة التي هي الحياة الحسية التي كان لها تصور في المبدع الأول أنّه حق ، فبذلك علة على الصورة التي هي الهيولى المشار إليها بالنامية الهابطة إلى أسفل سافلين ، مركز الكون والفساد. فهي خامسة للأمهات الأربع ، فاعلة مؤثرة فيها. اهبطوا منها بعضكم لبعض عدو.
فالفلك قابل لتأثير عالم القدس ، وهو له كالزوج بقربه منه وقبوله له. وبالنسبة التي هي له منه ، وعالم الكون والفساد قابل من الفلك لجميع تأثيره ، وهو له كالزوج ، وعالم الكون والفساد كالزوجة ، لظهور المواليد بينهما. وكذلك الخط من الفلك الخبيث الذي امتزج به فسفل عنه فكان عقدتين ، الرأس والذنب. وهما وهميان ، تدرك أفعالهما ، ولا تدرك صورهما.