وذلك بسبب كماله الأفلاك. فخرج من نطاقه ، ولم يلبس صدفا ، لأنّه ممّن أصر ، فكان لا من الفلك ولا معه ، ولا من الأمهات ولا معهما ، فصار ضدّا للعالمين ، وصار الرأس يقال له سعدا ، لما قارنه من سعد زاد في قوته ، وما قارنه من نحس «نقص من قوته ، والذنب نحسا ما قارنه من سعد نقص من قوته ، وما قارنه من نحس» (١) زاد في قوته ، وهما ضدان ، خصوصا للنيرين عليهما حكم الكسوف ، فذلك كذلك.
وفلك البروج فيه الكواكب البابانية ، التي عليها الحساب. وهي ألف نجم وثمانية وعشرون نجما ، واثنا عشر برجا ، وثماني وعشرون منزلة ، وكل برج ثلاثون درجة ، وكل درجة ستون دقيقة ، وكل دقيقة ستون ثانية ، وكل ثانية ستون ثالثة وكل ثالثة ستون رابعة.
وعلى ذلك أن تكون التاسعة ستين عاشرة. فمنها طالع ، ومنها غارب ، ومنها رابع ، ومنها عاشر. وهي كالقبة المستديرة (٢) وأشرفها الطالع والعاشر ، يدلان على الحياة والبقاء بمقابلة السعود ، وأخسها الرابع والغارب لأنهما يدلان على الموت والفناء بمناظرة النحوس ، وهي مثلثات للأملاك ومربعات ومسدسات ، وللمناظرات والمجاسدات ، ولها منها هبوط ووبال وأوجات ، وإشراف وحضيض ، ونحوس وسعود واحتراق ، واجتماع وافتراق.
وللكواكب المتحيرة رجوع وتقهقر ، وهو بجملته مركز الحياة السارية من عالم الربوبية التي ذكرنا ، والشمس خصوصا مركزها وحجابها ومعدنها. فهي بذلك تمد ما علا عليها وما دنا منها.
قال سيدنا حميد الدين في ذلك : إن ذات الطبيعة التي هي الحياة المسماة بالنفس ، ليست بذات أجزاء في ذاتها ، فتكون منقسمة ، أو جائزا
__________________
(١) سقطت الجملة الموضوعة داخل قوسين من النسخة ج.
(٢) كالقبة المستديرة : كالفية المستديرة في ج وط.