فيه الضفادع ، وهي أجنة. كل واحد منها غشاء لصورة كالسلاء لتقي الصور البشرية من الحر والبرد ، وتدفع منافذه أن يغشاها الماء الذي هي فيه. فيبقى نسيمها على ما تكون الأجنة في الأرحام.
فلمّا تخطط كل صورة في غشاوة هي لها ، كما شاء المصور لها جل وعلا. وأحدث كل كوكب فيها شيئا ما تولى جزء من جسده ، وأكسبه قوّة من قواه ، والمتولي لنقش الصورة عطارد بشراكة الشمس ، وزحل ، والقمر.
فأول ما انفعل منه ، القلب بقوّة الشمس ، ثم الرجلان بقوة زحل ، ثم الرأس بقوة القمر ، وعطارد يزيد في كل قوة ، وهو يرسم التصوير ، والزهرة تتولى التذكير والتأنيث. فلما كملت كل صورة في غشاوتها ، وفي سرته من تلك الغشاوة جزء منها هو كالامعاء ، وقد التصق فمه بفمها ، يمتص به مما لطف من ذلك الدهن غذاء لها. كما أن الجنين في الرحم يجتذب من سرته ممّا انعصر من دم الطمث وتلطف بحرارة الجسد حتى يصير كالدهن ، فيكون بقدرة الله تعالى غذاء لتلك الجملة ، لا كما تظن العامة أن غذاءها بدم الطمث ، فذلك كذلك ، والأمطار ساكنة ، والرياحات معتدلة.
فلمّا حدث في الجثة الطول والعرض ، والعمق ، وكملت آلاته انقشرت الأغشية عنها ، بعد أن نضبت المغارات ، ولم يبق إلا الرطوبات ، وارتفع عن مضجعه بتمديد الجسم. وقد اتفق أنّه يكون قاعدا على أليتيه ، وذقنه على ركبتيه ، وقد ضم ذراعيه على ما يليهما من جسمه ، وهو مجتمع على ما وصفنا.
وذلك أنه ، لما كملت صورته ، وتخطط رأسه ووجهه ، انبعث فيه الروح من الحرارات التي كونته ، ثم استجنت في بدنه ، وأعطاه القمر قوة الحياة الإلهية المحيية ، التي يحيي بها ما استكن فيه ، من حرارة الشمس