الثمينة ، وبقيت في الأرض ما تعود إلى السحيق ، ثم إلى القامة الألفية. ثم تلحق بعد حين بغيرها بعد زوالها مما كانت متصورة له من الجواهر.
ثم قال الشخص الفاضل صاحب الرسائل رمزا : واعلم يا أخي أيدك الله وإيانا بروح منه ، أن القوى النفسانية أول ما بدت وسرت لما هبطت إلى الأجسام من أعلى سطح الفلك المحيط ، إلى نحو مركز الأرض مرت أولا بالكواكب والأفلاك والأجرام ، وبلغت مركز الأرض الذي هو أقصى غاياتها في هبوطها ، ومنتهى نهاياتها في حضيضها ، فمنها ما تابت وأنابت ، وتذكرت ورجعت من قريب ، فاتحدت بالكواكب النيرة ، والأجرام الصافية ، ولذلك قيل لها : «النفس المطمئنة الراجعة» (١) من قريب ولم يطل بها الأمد في جهالتها «وطغيانها ثم كانت» (٢) لذلك تتفرق وتتحد الشيء بعد الشيء على قدر الصفاء (٣) والرجوع إلى الإقرار والاعتراف بالخطإ والاقتراب «إلى فلك» (٤) القمر آخر أبواب العالم العلوي.
ثم هبطت المتخلفة عن الإجابة نحو المركز واتحدت بعالم الأمهات ، وسرت قواها في المعادن والنبات والحيوان والإنسان ، وعطفت عليها النفوس الناجية المتحدة بالكواكب وحنت عليها ورحمتها كما ذكر ذلك في كتابه الكريم (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) (٥) ، فبالبرهان الصادق إن كل شيء يحن على جنسه ، ويرحم بعضه بعضا.
فدارت الأفلاك وسارت الكواكب النيرات وترتبت الأمهات وظهرت
__________________
(١) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين في ج وط.
(٢) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين في ج وط.
(٣) الصفاء : سقطت في ج وط.
(٤) إلى فلك : سقطت في ج وط.
(٥) سورة ٤٢ / ٥.